دارت " نجيبة" في وسط الدار دوراناً في منتهى العجب أمسكت بجدل الحطب وراحت تهش البط في حركة عصبية قائلة في غيط.. عسل.. عسل.. لتحثه كي يأكل ويسمن فلقد اتهمت نفسها مرات عديدة بقلة الحيلة لأن تربيتها أصبحت خايبة.. وهايفة.. وها هو البط.. مقرمد لا يكبر.. اندفعت مرة أخرى ناحية البرانى وجدت نسوان ولادها يجلسن القرفصاء تاركات الحوض بنزح بالماء ويغرق وسط الدار وكانت الفرصة أمامها سائحة لاختلاق خناقة كبيرة تسبهن وتلعن أبوهن على سمعه وهو قاعد..يالله يابت إنت وهيه.. فزي كل واحدة تشوف وراها إيه..وجرت شفا على الزريبة كي تعلف العجول الجائعة ومن خلفها نورز تنزح الحوض الطافح بالماء أما عايدة فأمسكت بالمقشة لتكنس الدار حتى آخرها..انتهت نجيبة من نوبة الأوامر التي تنتابها بين الحين والآخر.. وهي نوبة اعتادت عليها النسوة الصغيرات متهمات إياها "بالهبل" لكنهن يتذكرن ساعات يروق فيها مزاجها ويعطيها الحاج الكبير فلوس الموسم للحمة البنات المتزوجات خارج الدار.كانت أمه نجيبة امرأة غريبة ومع ذلك كانت تمتلك شخصية قيادية ولولا هذه الشخصية ما قامت أي واحدة من النسوان لتنجز أعمال الغيظ والدار من هنا خاف الجميع بما فيهم الحاج سيد أكبر راس في الدار..وكانت "زيزي" زوجة ابنها موظف البنك أصغر أخواته وابنها المدلل والذي دوماً يستأثر بنصيب الأسد في الطعام كانت نجيبة تحبه فهو ابنها الذي قضى حياته مغترباً ليأتي لها بالشهادة الكبيرة ولم تكن تعلم أنه حمل مع الشهادة خيبة كبيرة أيضاً هي "زيزي" واحدة من البندر..ولولت نجيبة وأطلقت صرخاتها ولم توافق أبداً قائلة.. يا حبيبي يا ابني واحدة من البندر تنام للظهر ولو طلبت منها حاجة بصت لي من فوق لتحت ولا تعبرني.. لكن عادل أقسم لها أنه متفاهم مع زيزي على :كل شيء وسوف تقوم بالعمل الذي تقسمه عليها ومن اليوم الأول ونجيبه لا تطيق "لزيزي" سيرة ولا تحب كلام البندر المعوج الذي تتحدث به ولا ثيابها الملونة الضيقة والمحزقة والشيفون وأصدرت أولى الأوامر.. باقولك إيه يا اختي شغل البندر ده أنا ما بحبوش من الصبح تجيبي لك جلابية واسعة ومداس بلاستيك وشعرك إللي نازل على ظهرك من غير أدب ولاَّخشي اعمليه ضفيرتين وحطي طارحة عليه.. ولا إنت مستحلية روحك..