في المطرية.. البحر كان ينام على الشط بحرية لا يخجل أن يتعري فمدينتنا البكري فيها يتدلل دوماً.. يقسو عليها أحياناً حين يشاغبها يضربها بالموج وحين تخاصمه يعود بشوق الحلم ويحضنها ويهديها كل هدايا الدنيا يمنحها لآلئ ومحارات وأصداف كل ميلاد يحملها إليها حين يحل العام التالي عليها فالمطرية أنثى رائعة الإحساس طيبة.. فيها كل صفات الزوجة الصالحة ترفل في الحب يعشقها كل الأبناء وكل الأجداد والجدات وحين يتمكن في القلب العشق تحولهم جنيات تخطفهم خطفاً حتى من الزوجات.. من الأبناء فالجنية امرأة أخرى للصياد.. ضره ثانية تعشق تتعذب تتحكم.. وتقاتل بل تنجب أولاد عند الزاوية القابعة على رأس البحر جنيه عشقت صياداً يحتضن الموج ويخرج بالشبكة تحمل معها عمار الكون. "فيروز" الجنية تنتظر فتاها عند الفجر وتمنحه نظرات السحر كي يبقى أسيراً لهواها لا يعشق أي أنيسة أو جنيه سواها مهما مر زمان الشوق.. في يوم خرج الصياد بالشبكة اصطاد كثيراً وأعطاه البحر فتزوج إنسية أجمل من كل بنات الدنيا..انتظرت فيروز فتاها كثيراً.. بلا جدوى فبكت فازداد البحر وحمل للصيادين الخير..قال الناس: "فيروز" الجنية لا زالت تبكي من أجل الصياد، والصياد عشق زوجته الإنسية أنجب منها أولاداً وبناتاً يتذكر أن يهديها الحلوى في الأعياد ترك الزاوية والحلم المكسور بلا ميعاد أحياناً كان يحلم بعودة فيروز تحتضنه حتى آخر قطرة في الدم..مل الإنسية فالإنسية كانت تلقيه بحجارة ثقيله من فمها فتقتله مئات المرات في اليوم. مرة بالبعد ومرة بالهجر.. ترك البر بإرادته واعتزل الإنسية بعد فوات الوقت.. عاش وحيداً في الزاوية المهجورة يستيقظ عند الفجر يتحدث بلسان الدرويش يحمل في جيبه حلوى وياميش ويعطي للأولاد الفقراء ويغني في بله واضح فيروز العشق الأبدي.. فالبحر في مدينتا عند الرجال يعني سنوات العمر يعشقون موتاً لأن مدينتنا لازالت على فطرتها بقدر اتساع البحر فخرج الأبناء يذوبون عشقاً منذ نعومة الأظافر وحتى الموت.