بعد الفرح الأول بالحب

في القرية سمعت كلاماً أزعجني.. أرعبني قالوا خلفة البنات عار ومذله وخلفة الذكور كرامة وعزوة مورث ثقافي سخيف فقير الإنسانية أو عديم الإنسانية بالمرة الشرف هنا جسد الإنسان اقتصر الشرف والفضيلة على الأعضاء التناسيلة كما كانت منبع الفضيلة والرزيلة ولأن الرجل في الموروث الثقافي الشائع هو "الدابور" طارد الإناث بالزواج والطلاق أو بدونها والإناث يستجبن له بالعقد أو الرغبة.من اليوم الأول لزواجي وأنا أخاف من المجهول والمجهول شيء لا أدريه.. لكنه كثيراً ما يصيبني بالكآبة ويعتريني إلى الضيق لأقل الأسباب كنت أشعر أحياناً أني إمتلكت العالم بأسره حين صار ابن العمدة زوجاً لي وفي أحيان أخرى تأتي هموم العالم فوق رأسي وتدفعني دفعاً للنوم.. لا أريد أن أخرج من عالمي الصغير الكتب التي حملتها من مدينتي والتي تحملني إليها بين الحين والحين الوحدة تداهمني بعد عودة زوجي إلى العمل في مدينة بعيدة يأتي منها كل مساء مهرولاً إلى فراشه كي ينام.. الخوف من الأيام يلازمني.. ماذا أفعل؟!!.. كان الليل يشاغبني فأشاغب زوجي.. يستيقظ من نومه على صوت بكائي يسألني عما يحزنني أصمت.. قال لابد من النزول إلى العائلة لقد طالت غيبتك داخل غرفتك.. النساء في الدار بدأت تتحدث عنك.. أمي نجيبه متذمرة منك تشكو رقدتك كدجاجة ترقد فوق البيض تقول ماذا تفعل لقد خبت خيبة كبيرة وتزوجت من البندر.. ابن سمارة طلق عروسته في الإسبوع الأول وابن أيوب وغريب المرسي.. سبع بنات من البندر انزحن من القرية فالقرية لا تتحمل دلع بنات البندر.. أني أتأدب تؤدبني الأيام وتعطيني امرأة تنام حتى الظهر يا حسرة قلبي شقتها مغلقة النوافذ لا تدخلها الشمس ورائحة الكسل تطل إذا بانت كي تنشر أي غسيل.. يا ولدي يا عادل يا حبيبي قلبي يتمزق من أجللك.. أنهي محاضرته الليلية جذب غطاءه جذباً.. نام وصوت شخيره يؤلمني فالأرق أصبح عادة تلازمني لأني أنام حتى آذان الظهر وآذان العصر حياتي خاوية إلا من صوت ضجيج يدوي في صدري ما فائدة حياتي.. لا زوج يصاحبني ولا صديقة تؤانسني في الدار.. أمه نجيبه ترسل في طلبي.. دقت أجراس خطر المجهول أتأزم أصبح كالحلم الخائب أو أصبح فأراً مذعوراً.. ماذا تطلب تلك الشخصية المتعجرفة القاسية النشأة قالوا عنها زعيمة من يفلت من قبضتها يولد من جديد ماذا تحمل في حقيبتها في حقيبتها طلاقي وحقيبة أحلامي تفتحها تفضحني وتلقي بملابسي الشفافة في الجرن فيراها الصبيان وتكون فضيحة إني أخاف من لقائها ومن قسوتها ومن عنف الأيام المتمثل في عينيها المتحجرتين.. قالت بلهجة من تأمر.. طالت رقدتك فوق البيض.. الحنة لازالت منقوشة على الكعبين أم جفت..؟!! وهذا الشعر المسترسل لميه ضفرية وضعيه داخل إيشارب وهذا الفستان أرميه لإخواتك في البندر وصباح الغد تكوني هنا أمامي كي تختاري عملاً فالنسوان في الدار تعمل مثل الصبيان هيا اختاري عملاً فالنسوان في الدار تعمل مثل الصبيان هيا اختاري عملاً والتزمي به وأمامي اصحي.. لا تعجبني الكحل في العين وإن يبلغني عنك أن عادل ولدي يحبك أكثر من عمله سوف أربيك وأربيه أسمعتيني..؟!! أم يتكرر نفس كلامي..؟!!خرجت كلماتي بصعوبة تسأل.. ماذا أفعل..؟!! قسمي لي عملاً وأنا بلا تردد أقوم به فأنا من يومي أعرف كيف أربي الأطفال وأقوم بغسل أواني الطهي بل أطهو وأغسل ضحكت أمه نجيبه ضحكه ساخرة وقالت: لا.. تلك الأعمال تفعلها طفلة صغيرة بلهاء..حله.. حلتين.. وكوب من ارز لسبعة أفرادأرز لسبعة أفراد غير سبعين.. عندك أربع أشياء اختاري واحدة منها..نظرت إليها في هلع وقد بت وشيكة أن أقع على أعتاب فراق أبدي.. استرسلت المرأة تتحدث بلسان الحاكم.. فيه نسوان بتروح الغيط تقلع.. تزرع.. تحش برسيم.. تنقي مرعى..لم أفهم منها شيئاً كأنها امرأة من عالم آخر.. نظرت ترقبني بعيون المرأة الداهية وقد شعرت أنها تقترب من الهدف المنشود وزادت في غلظتها وقالت:..وفيه نسوان تبقى في الدار كي تغسل كل المواعين المتسخة بطبيخ الأمس وتصنع شاياً للصبيان وتملأ قللاً فارغة تغسلها تماماً بالسرس وأحياناً بالسلك.. وتقلي فلفل وباذنجان للأنفار وتكنس وترش وسط الدار.. كل آذان أو تنزح هذا الحوض المليان المدفون على رأسه طلمبة ماء..وفتحت فمي في دهشة وقبل أن أتكلم قالت.. وفيه نسوان بتعلف البهائم وتسقيهم وتترب الزريبة وتشعرهم بالراحة فيدرون حليباً طازجاً وآآه لو نقص حليب اليوم عن الأمس وقعتها سودا بإذن الله.. وسترحم من منابها في اللحم ليلة الجمعة وسأجعل زوجها يعصي عليها.. فلا تبتل لها ضفيرة وتشمت فيها النسوان وتعايرها وتضحك… يا أم الزوج الغضبان..هيا اختاري مالك ملكومة كمن أكلت سد الحنك.. ردي.. ماذا اخترتي ويا النسوان السارحين ولا النسوان الموجودة في الدار..كان لابد أن أختار لكني بثقتي المعهودة ولباقتي قلت لها غداً.. اصبري عليه حتى يأتي عادل فأختار معه عملاً يرضيكي.. كانت أمه نجيبه تعشق عادل عشقاً.. قالت في صبر وتحد نصبر للغد.. هيا رصي صينية أكل وخديها فوق وفوقي والغد سنضع حدودا ًللخيبة المحدوفة علينا من البندر.. على فكرة أي كلام أقولهولك لا يسًمعه عادل كي لا يحدث في الدار حريق.. وأنا أهوى الحرائق بل وأزيدها اشتعالاً فأنا ولله الحمد لا أخشى على نفسي بل أخشى عليكن أنتن النسوان من لا تعجبها حياة الريف فلتذهب من حيث أتت وتتركنا نزرع نحتضن الزرع فيكبر ونحب بهائمنا فتعطينا الخير.. بلا فقر وعنطظة واختتمت وصلتها المعهودة في الهم..
 
أنشأ هذا الموقع ويدير تحريره الكاتب الأديب مجدى شلبى