وداد

عاد محمد يجر أذيال الندم على فقد حبيبته الأولى "أم علي" لكنه قرر أن يعيش مع "وداد" حياة جديدة يمنحها الثروة وليالي العشق المفقودة بين أحضان أم علي حين دخل الدار نادى "ودة" تجري ودة من الداخل تحتضن الزوج الملهوف وتقوده إلى غرفتها وتنادي شرفت الدار "يا سيد الكل"..وداد حامل في الشهر الخامس تتقيأ جهراً لتعلن للكون أنها امرأة مثل ضرتها "أم علي" تماماً سوف تنجب ست بنات وست بنين إثنا عشر مثل أبناء محمد من زوجته الأولى.. ويكون لها ما شاءت دسته من الأبناء تتباهى بخلفتهم كل نساء مدينتنا كن يحسدنها على الزوج والمال والأولاد – كانت ودة تملك كل حنان الكون تغدقه بلا حساب على أبناء الزوج من ضرتها كل مساء.. تجمعهم فاطمة وزينب وواطفة وتفيدة بنات "أم علي" تحمل طبلتها بين ذراعها اليسرى وتطبل فترن الدقات وتدوى بين جنبات الحي الخالي إلا من دارها ودار أم علي القابعة في شرفتها تضحك تارة وتتعجب تاره أخرى البنات تركن الأم وعشقن زوجة الأب لبساطتها ورقتها وحلو معشرها كانت كريمة تعطيهم مثل بناتها ولا تبخل طبلية تحمل أشهى أطعمة الأسماك ليأكل الجميع وتضحك "وده" تضحك تتقافز فوق رأسها أحلى فراشات الزهر.. وبرغم أن الرجل القابع في غرفتها أصبح معقد أنجب أربعة وعشرون ولداً وبنتاً وتمتع بحياة رائعة بين امرأتين الأولى عشقته عشقاً لم تقبل أن تشاركها فيه امرأة أخرى والثانية تعشقه ترجوه من الدنيا رغم أنه أصبح مقعد تخدمه تحبه وتحتضنه ولا تخجل وتطلب منه أن تحمل بجنين آخر يملأ كل الكون عليها سحراً ترضعنه حناناً وأماناً ويصفق وتغني وتلعن هذا المرض القاسي القلب المتحجر العاطفة الذي أبعد عنها الزوج الرائع أبعد عنها "محمد" ومحمد يدخل في الغيبوبة يستيقظ ثم يتألم.. يجتمع الأبناء.. البنات وأزواجهن والرجال وزوجاتهن الجميع يبكي ويدعو بالشفاء الرجل الأسطورة يحتضر أم علي تبكي تلتاع تتخلص من غيرتها ومن أدران حقدها وتصلي تسجد لله وتدعو لحبيب العمر.. أول طارق يطرق باب أنوثتها وآخر طارق غلق الأبواب المفتوحة وقبرت أشواق القلب كانت قد دارتها داخل ردهات الروح وتمنت أن توقظها لكن كرامتها المذبوحة كانت تصرخ وتئن.. تصنع على الرأس الطرحة البيضاء وترتدي فستانها ومعطفها وتفتح باب الدار وتخرج تحملها لفحات الغائب حين يناديها من فوق فراش الموت.. وحين تفتح باب الغرفة يرقص الأبناء والزوجات كأن الملكة قد هلت بالحُّراس وبالعرش.. أم علي عندنا أنه الشرف الأعظم.. يهب محمد من رقدته وبعينيه المكسورة ينظر ويعود للخلف سنوات لم يتذكرها.. يصحو يشعر أنه قد خف زالت عنه كل الأمراض المستعصية لما جاءته حبيبته الأولى تلك التي تعلم منها كيف يكون لقاء حبيب بحبيبته الأولى.. وحين التقت النظرات ابتسم محمد بهدوء وأسبل عينيه.. أم علي مدت يدها جذبت الغطاء وقبل أن تصرخ قبلته قبله طويله حبستها في الصدر سنين طويلة في وسط الدار جلست تتقبل كل الناس وتحكي كان بطلاً وعظيماً وحبيباً كان حشاشة قلبي أحببته أكثر من روحي وحين أحب وداد تركته ليعيش حياته بعيداً عن غيرة الضرتين فالحب تضحية لا يقدر عليها سوى أم علي غاب عن أحضاني لأحضان امرأة أخرى شعر معها بسعادة أكثر مني فلماذا أمانع والحب عطاء.. لا يعرف أي أناني..وبعد أسبوع واحد مرضت "أم علي" ولم يطل مرضها جمعت الأبناء.. وأوصتهم بوصاياها المعتادة بالحب والصلاة وأن المراءه لابد ان تكون مهيضة الجناح مكسورة الخاطر تخجل من الرجل وتحارب من أجل الأبناء وتسد كل منافذ يدخل منها الشيطان.. ابتسمت ثم نظرت لوداد توصيها بالأبناء وفوق فراش وداد نامت في راحة بعد أن أسلمت لبارئها الروح..
 
أنشأ هذا الموقع ويدير تحريره الكاتب الأديب مجدى شلبى