زيزى وبناتها

شيء رائع أن تستيقظ شمسك التي ماتت منذ سنين فتلتهب الأطراف الثلجية.. ما أجمل أن تتحول حدائق روحك اليابسة إلى جزر مخضرة ساحرة لقد كانت حياتي قبل البنات يسودها ظلام دامس أشعر أن البشر يتهامسون علي يقولون عاقر أصابعهم منصوبة في وجهي ينصبون لي المشانق لم أسعد زوجي ولكن حين أتت أول بنت تدلت هالة من الضوء على قلبي فانتفض من رقدته فتجلت عظمة المبدع شعور غامض بأنك تحيا لتغزل ثوباً يلبسه طفل عاري كان هديراً جنائزياً يدق فوق عقلي المرهق أتأمل صورتي فأراها بلا ملامح مرآتي سطحها متعكر بها ألوف التجاعيد الدائرية التي تطفو على وجهي – أنظر إلى صورتي مرات أخرى أشعر بالأسى فإذا بها تتبدد ثم تتمحى.. أسير فانكفأ على وجهي ثمانية أعوام وسور حديدي بيني وبين الحرية نهر عميق بلا زورق أغوص فيه وأنا لا أعلم فنون العوم فأغرق في مجتمع يلفظ امرأة لا تنجب تذهب في طي النسيان يضعوها في مقبرة ذا سقف أزرق تأكلها يتبقى منها عظماً أذابه ديدان الأرض فهل مرة ثانية تنجو..؟!!المرأة في القرية لا تصبح أمَّا إلا بعد إنجاب صبي لازالت كل النسوة تدعو وتقول ربنا يعوض عليك بمولود ذكراً.. لم أعد أعبء ولا أهتم بتلك الهفوات المرة وسعدت وحلمت بأني أتسامى لسماء عالية تحملني إليها حملاً..أمه "نجيبه" لم تنجو من صداع ألم بها لم يفارقها حتى رحلت تحمل بين ضلوع القلب أنشودة حزينة تتجرعها مراً أما أنا بين عشية وضحاها أصبحت أمَّا لثلاث بنات لم أكن أدري هذه المسئولية الكبرى إلا حين بدأن يتشاجرن على الألوان والقصص الملونة والفساتين المزركشة بالفرحة.. ملأ صراخهن الشقة كسرن الأطباق والأكواب وصببن الماء فوق رؤوس المارة.. كانت تجري الواحدة تلو الأخرى ويطالبن بالحلوى وبنقود فضية يذهبن للدكان يأتين لأعمامهم بالدخان..وكان قراري لن أتركهن في الدار كي لا يتعلمن أصول المهنة ويتعرفن علي مكنون الكلمات الحمقى في الفرن وفي البراني ووسط الدار كان قراري ينبع عن تجربة قاسية من تتربى في الدار ستخرج لا تعرف من هذا الكون إلا الأزواج أولاد الأعمام وعليها أن تختار واحد منهم.

 
أنشأ هذا الموقع ويدير تحريره الكاتب الأديب مجدى شلبى